Saturday, May 19, 2007,12:13 AM
لــعنة أن تكون طالب طب
.
.
لن أحدثكم اليوم عما يحدث داخل أروقة كليتنا العتيقة
يحتاج الأمر إلى مجلدات للحديث عما يحدث هناك .., بمعنى أصح عما يفعلوه بنا هناك .., يمكنك أيضا بناء الجملة للمجهول لتصبح عما يُفــعل بنا هناك .., تنويعات كثيرة يمكنك إستخدامها لتصل إلى المعنى النهائى
بالتأكيد تعلمون جميعا ما هذا الذى يحدث .., لذا لن أحدثكم اليوم عما يحدث هناك
أحد القراء : ما الذى يقوله هذا الأحمق ؟ لم افهم شيئا
قارىء اخر : أنا أيضا لم أفهم شيئا .., ثم لماذا نتحدث الفصحى ؟
قارىء غاضب : تبا له .., انه ذلك الكاتب .., يجعلنا نتحدث الفصحى لأننا فى مدونته .., يذكرنى كلامنا بالروايات المترجمة ترجمة ركيكة .., حين يقول السير طوماس ..هلمو نشرب الشاى فوق المدفأة .. يبدو أنها ليلة جميلة ..لترد مارثا بانبهار ..واو ..ياله من ذوق رفيع يا سيدى
أنا : ما هذا ؟ .., من هؤلاء ؟؟.., إذا لم يعجبكم ما أقول فلتذهبو إلى الجحيم .., إنها مدونتى حيث أتكلم كما أشاء .., وأجعلكم أيضا تتحدثون بالفصحى .., دعونى أكمل ما بدأت ما زال الحديث فى أوله
أحد القراء بتوسل : تحدث أنت كما تشاء ولكن اتركنا نتحدث العامية .., لن نحتمل أكثر من هذا .., أرجوووووك
أنا بامتعاض : حسنا .., دعونى اكمل كلامى ولنرى
.
.
نعود إلى الحديث مرة أخرى .., سأكلمكم اليوم عما يحدث لى خارج الكلية .., هذا الأمر يضايقنى هذه الأيام
أشعر أننى قد أصبحت مريضا بالضغط مما يحدث لى .., ربما هو نوع من اللعنة .., أن تكون طالب طب .., كيف يعاملك الناس .., كيف يتحدثون معك .., كيف يستبيحون وقتك
.
يبدأ الأمر حينما أقابل احدهم .., ينظر إلى السماعة فى يدى نظرة خبيثة .., ثم يبدأ فى فتح الحوار دون استئذان
يبدأ بالسؤال الأول : أنت دكتور ؟
أرد بتحفز : أيوة ..لسه طالب
تبدو نظرة انتصار فى عينه ..,يحدث نفسه.. انه يحمل سماعة .. إذن فهو طبيب .., يا للعبقرية
يكمل بسماجة : وفى سنة كام يا دكتر ؟ - يقولها هكذا حتى يشعرنى بثقافته
أرد بملل من اعتاد على الموقف : سنة خامسة
ليأتى السؤال الذى صرت أمقته : ويا ترى اتخصصت ولا لسه ؟
لأبدأ حديثا مطولا عن أن التخصص يكون حينما أكمل الدراسة تماما .., وعندها أختار المجال الذى سأتخصص فيه وأكمل فيه الدراسات العليا من ماجيستير وخلافه
ينظر لى دون اقتناع وهو يتعجب من الأطباء الذين يتأخرون فى التخصص ولا ينسى أن يخبرنى أن حمادة ابن اخته قد تخصص وهو فى السنة الاولى .., ويدعو لى بالهداية .., ثم يخبرنى أن اسرع بالتخصص حتى لا أصير من الاطباء الفاشلين
أنهى الحوار سريعا كى لا أقتله .., من سمح له بالتدخل فى حياتى بهذا الشكل
أجلس فى البيت لأجد جارة من الجارات تأتى ..تبدأ فى متتابعة الأسئلة التى أمقتها
وتسأل السؤال العقيم : أنت اتخصصت ولا لسه ؟
لأبدأ فى الرد المحفوظ
تمصمص شفتيها شفقة على هذا الفاشل ..ثم تقول : خلاص ابقى اتخصص نسا بقى .., علشان تنفعنا .., ولا أقولك ..ممكن تبقى أطفال ..علشان الواد حمادة مغلبنى .., حاجة من الاتنين .., انا بقولك اهه
أمنع نفسى أيضا من قتلها وابتسم ابتسامة دبلوماسية لأخبرها أن احلام سيادتها أوامر
تمصمص شفتيها مرة أخرى فى امتعاض وتتحسر على الزمن الأغبر الذى جعل الفاشلين من أمثالى يدخلون الكلية ولا يتخصصون من السنة الأولى
.
.
وتتوالى الاستشارات الغريبة الغير مفهومة اطلاقا .., يعتقد الجميع اننى اذا نظرت الى أحدهم بعينى المجردة لابد وان اكتشف اذا كان يعانى من سرطان القولون أو متلازمة فانكونى أو تضخم البروستاتا
واخر الاستشارات الغريبة حين أوقفنى عم نبيه ..صاحب محل للدهانات .., أوقفنى فى الطريق
بدأ بالطبع فى متلازمة الاسئلة الكريهة ..ثم مال على بشكل مريب وهمس فى أذنى قائلا : تفهم فى اختبارات الحمل يا دكتور ؟
أخبرته بأنها شىء بسيط تفهمه اى سيدة
رد على وتقاطيعه تحمل قسوة غريبة : خد شوف كده وقولى حامل ولا لأ
بدأت أشك فى نوايا عم نبيه .., وبدأت ارتاب فى صاحبة هذا الاختبار ..فسألته : أنتو عاملينه ليه يا عم نبيه ؟
رد على بقسوة : لو طلعت حامل ..يبقى مش هعرف أدبحها.., علشان كده عايز أعرف .., طمنى يا دكتور
أنا بهستيرية : تدبحها ليه يا عم ..حرام عليك .. هيا عملتك ايه ؟
رد عليا : أيوة يا دكتور ..لازم أدبحها .. أمال انا جايبها ليه ..وبعدين العيد كمان يومين
أنا بعدم فهم : عيد ايه .., مش فاهم ؟
هو : أيوة ..العيد يا دكتور .., أمال أنا اشتريت المعزة دى ليه .., عايز أضحى بيها فى العيد .., لو طلعت حامل مش هعرف أدبحها
لكم أن تتخيلو موقفى وقتها .., هذا الأحمق الذى يحضر اختبار حمل للمعزة .., لا يهمنى هذا .., ولكن لم يقع اختياره على .., هل وصل حظى التعس لهذه الدرجة .., ام هى اللعنة .., لعنة طلبة طب
.
أحد القراء : خلاص يا بنى أنت صعبت علينا ..متعملش كده فى نفسك ., ايه ده احنا بنتكلم بالعامية .., أشطة يا معلم .., تيك كييير بقى .., وخلى الحياة اخر زنجفة
القارىء الغاضب : واحنا مالنا يا عم بأم المشاكل دى .., وبعدين ما الناس ياما بتشوف .., لازم تصدعنا يعنى بكلامك ده
أنا : وحياة أمك لو سمعت صوتك فى المدونة تانى لأعملك شيفت ديليت وأعورك
.
.
فلأكمل المأساة .., تستمر المعاناة حين ينتقل هذا الضغط الى بيتى
حين يسألك الجميع عن موعد تخصصك او تخرجك .., يمكنك أن تعذرهم .., ولكن حين تأتى والدتك لتسألك هذا السؤال بمعدل مرة كل أسبوعين من السنة الاولى وحتى السنة الخامسة.., فلا مفر من الانتحار
وتبدأ الأسئلة الغريبة على غرار : هو الخيار بيتخن ؟ .., هيا البامية فيها مضاد حيوى ؟
يمكننى ان أتحمل هذا .., ولكن يأتى الهجوم الأقوى من التلفزيون
أطباء التغذية العلاجية بالخضروات و العلاج البديل بالكمون وهذا الهراء
انتشرو بشكل بشع .., وبالطبع أثرو على الجميع ..خاصة السيدات ومنهم والدتى
تتصل احداهم بالدكتور البديل لتخبره بانها قد تخلصت من الرحم ولا يمكنها الإنجاب اطلاقا وتعدد الكثير من الامراض الأخرى
ليقاطعها الدكتور البديل كالملسوع ويصيح بأعلى صوته : البــردقووووووووووووووووووش .., مفيش غير البردقوش .., هوا اللى هيحللك كل مشاكلك
وعندما يطلبون منه أحد النصائح لسيدات البيوت يتجلى قائلا : الشطة .. الشطة من أحسن الحاجات اللى تفتح الشرايين
وينسى الجميع أثر الشطة على البواسير
وأجد بقدرة قادر أن الأكل اليومى أصبح مزيجا من الشطة والبردقوش .., وحين أبدأ فى الشكوى و أخبر أمى بأن هذا عذاب وأن هذا الرجل لا يفقه شيئا .., وأن معظمهم نصابين لا يفقهون شيئا فى الطب
تمتعض وتسألنى بنظرة قرف : أنت اتخصصت ولا لسه ؟
 
posted by zordeak
Permalink ¤